كوردستان تي في
أثارت دعوة لأحد اتباع رجل الدين محمود الصرخي، إلى هدم المراقد الدينية، من قبور ومقامات الأنبياء والأئمة ورجال الدين، خلال خطبة الجمعة الماضية، جدلاً وغضباً في الأوساط الدينية، خاصة وأن قبور الأئمة والمراقد تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لأتباع المذهب الشيعي.
وشهدت محافظة بابل، جنوبي العاصمة بغداد، خلال اليومين الماضيين، حالة من التوتر، حيث طالب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، رجل الدين محمود الصرخي، بالتبرؤ من صاحب تلك الدعوة.
وكان خطيب جمعة الحمزة الغربي، علي المسعودي، قال في خطبته يوم الجمعة الماضي، ان "الاطلاع على سيرة النبي محمد وسيرة الخلفاء الراشدين وبما تتضمنه من سيرة الامام علي وكونها هي السيرة الكاشفة للمنهج التوحيدي الحقيقي الذي جاءت به رسالة الاسلام السماوية. نجد ان هنالك الكثير من الامور التي جُعلت من الدين والعقيدة وهي بالأساس لا اصل لها، ولا واقع، ولا مشروعية".
وبيّن المسعودي أن "من بين ابرز تلك الامور هي بناء القبور وتشييد المراقد وتخصيص طقوس ومراسم ومناسبات خاصة بها، فهكذا امور هي خلاف ما امر به النبي محمد، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى، ولم يأت بأمر من تلقاء نفسه، بل هو بأمر من الله تعالى، حيث أمر النبي الامام علي بهدم القبور وتسطيحها وعدم البناء عليها".
من جانبه، أمهل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر رجل الدين محمود الصرخي 3 أيام للتبرؤ من احد اتباعه والذي يدعو لهدم قبور "الاولياء والمعصومين"، متحدثا عن تعالي صوت البعث الصدامي.
وذكر الصدر في بيان صادر عنه الاثنين (11 نيسان 2022) انه "لا ينبغي التغاضي عما يحدث في المجتمع العراقي من انتشار العقائد الفاسدة".
وذكر الصدر مجموعة من هذه "العقائد" أولها "أهل القضية الذين يدعون ان الإمامة لي" مضيفا إني "أعلنت منهم البراءة سابقا فإنني اجدد البراءة منهم، واطالب بمقاطعتهم ومحاسبتهم وفق القانون".
وتطرق إلى "عقيدة" اخرى عدها منحرفة بالقول: "بعض من ينتمون بالتقليد إلى الصرخي ممن يحاولون إدخال بعض العقائد المنحرفة الى المذهب، واخرها ما صدر عن أمام جمعة لهم في محافظة بابل وذلك بالمطالبة بهدم القبور للأولياء والمعصومين".
وعلى ضوء ذلك، أمهل الصدر رجل الدين الصرخي ثلاثة أيام للتبرؤ من امام الجمعة هذا.
وأشار الصدر في بيانه الى "تعالي صوت البعث الصدامي المجرم وهذا مما لا يصح السكوت عنه"، داعيا الجميع إلى التعامل معهم "بحزم وفق القانون وتجريمهم ومعاقبتهم تحت طائلة القانون".
وطالب الصدر بانه "لا بد من إصدار قانون يجرم ذلك تحت قبة البرلمان فورا".
وتواصل التوتر ليتحول أهلياً، حيث ألقت مفارز جهاز الأمن الوطني القبض على شخص تهجم على الرموز الدينية ومراقد آل البيت في بابل.
وجاء في بيان صادر عن الجهاز، الإثنين (11 نيسان 2022) انه "استناداً إلى ما ورد في مقطع فيديو جرى تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتم رصده من قبل جهاز الأمن الوطني، وبناء على مذكرة قضائية، ألقت قوة من الجهاز في محافظة بابل القبض على شخص ينتمي إلى الحركات الدينية المتطرفة".
وكان يدعو هذا الشخص الى "الإساءة إلى الرموز والطقوس الدينية وكذلك الدعوة إلى هدم المراقد المقدسة"، حسب البيان.
وعقب ذلك، أفادت مصادر أمنية، باعتقال رجل الدين الذي دعا إلى هدم قبور الأئمة، ونقلت وكالات محلية، عن مصدر أمني، قوله إنه ”تم إلقاء القبض على المدعو علي موسى عاكول كاظم المسعودي، خطيب جامع الفتح المبين في قضاء الحمزة الغربي بمحافظة بابل، التابع للحركة الصرخية“.
وصباح اليوم، تم تداول صور هدم مكتب اتباع الصرخي في مدينة القاسم بمحافظة بابل، من قبل أهالي المدينة.
واستهدف جامع تابع لاتباع الصرخي الحسني بعبوة ناسفة في تقاطع اولاد مسلم في مدينة المسيب شمال بابل، ليلة أمس.
يشار الى ان محمود الصرخي الحسني ولد في مدينة الكاظمية بالعاصمة بغداد سنة 1964؛ هو مرجع ديني من الشيعة الإثني عشرية، وهو مجتهد أو فقيه (خبير في الشريعة الإسلامية)، عرف بدعوته للدولة المدنية، وسعى إلى إقامة علاقات طيبة بين السنة والشيعة في وقت كان التوتر الطائفي يطغى على المشهد العراقي وأفتى بحرمة الدم العراقي، ورفض كل ما صدر عن "سلطات الاحتلال" ومشروعهم في العراق، ودعا إلى مشروع المصالحة والمسامحة.
تولى الصرخي الحسني إمامة صلاة الجمعة في مدينة الحلة، وبعد مقتل المرجع الديني محمد صادق الصدر، أعلن الحسني عن تصديه للمرجعية وإقامة صلاة جمعة سميت جمعة المسجد الاقصى وكانت أول صلاة جمعة تقام بعد الصدر، وألقت السلطات القبض على الحسني على اثر تلك الصلاة، لكونها اعتبرت تحدياً للنظام السابق الذي كان قد اصدر منعاً للشيعية عن اقامة صلاة الجمعة في عموم العراق بعد مقتل الصدر.
لاحقاً أطلق سراح الصرخي بسبب توتر الاوضاع، استخدم انصار الصرخي ستراتيجية سلمية لتخليص مرجعهم من سجون النظام من خلال التجمهر باعداد كبيرة قرب براني الصرخي، حين وصلت اجهزة السلطة المحلية ابلغوهم بانهم تجمعوا بشكل سلمي ولا يريدون سوى اطلاق سراح مرجعهم ومعرفة سبب اعتقاله وانهم مستعدون للذهاب للسجن معه فيما لو لم يتم اطلاق سراحه، وتم اعتقالهم فعلياً، فسر بعض انصار الصرخي تحركهم هذا بأن هناك جهات اكدت للسلطة المحلية أن الصرخي ليس مرجع ديني ولايمتلك قاعدة جماهيرية وان اعدامه لن يسبب اي اضطراب في الشارع، تحرك اتباع الصرخي دفع النظام إلى اطلاق سراحه.
ولدى الصرخي، آلاف الأتباع في محافظات الديوانية وذي قار والبصرة وكربلاء، وغيرها، وعادة ما يثير الجدل بآرائه الدينية التي يخالف فيها المراجع الشيعية، مثل رفضه لفتوى تشكيل الحشد الشعبي، التي صدرت من المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، وكان الصرخي من طلبة محمد صادق الصدر مؤسس التيار الصدري ووالد مقتدى الصدر الزعيم الحالي للتيار.
ويعد الصرخي من رجال الدين الشيعة الذين يوصفون بالاعتدال من المذاهب الأخرى، غير أنه يوصف بـ“الانحراف“ من قبل شيعة كثر، وهو محقق وله عشرات الكتب والرسائل في موضوعات دينية شتّى.
التعليقات (0)
لا يوجد إلى الآن أي تعليقات